الثلاثاء، أبريل 16

فرائض سورة النور

 فرض أى  (حز من الشيء) (قطع  منه) جزءا، فرضت لك راتبا شهريا من أموالى.، أي قطعت لك جزءا من كل أموالي. و (فرض) معناها فى معجم مقاييس اللغة لابن فارس (الذي يضم أهم 5 معاجم للعربية على رأسها معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي) هو (التأثير فى الشيء بالحز فيه)، وفى لسان العرب أيضا لابن منظور ( القطع) منه، حيث زاد بن منظور فقال بالقطع من الشيء وليس الجز منه فقط. وقد وردت لفظة ( فرض) فى المصحف فى ( 5) مواضع:
* توزيع التركة بقوانين الإرث وأنصبته
* فريضة  الصدقة التي ستخرجها أو ستستقطعها من عطائك.
* ما ستدفعه استحقاقا لقيمة عقود ملك اليمين لديك استقطاعا من مالك هو فريضة عليك.
* ما ستستقطعه للمطلقة (التي لم تدخل بها) من المهر الذى كان قد اتفق عليه.
* وما ستدفعه كتحلة ليمينك الذي حنثت به.
كما ورد عدد من الفرائض فى سورة النور وحدها والتي (فرضها الله كلها) حيث قال تعالى: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا👈 وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (1) النور.
فرائض سورة النور:
(1) فريضة عقوبة الزنا 100 جلدة + علنية العقوبة قال تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) النور

(2) منع المؤمن من الزواج بالمرأة  التي تمارس الجنس العلني، فى الشوارع  و منع من يمارس الجنس العلني في الشوارع من الرجال من زواج المؤمنات (ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (3))
(3) فريضة قذف المحصنات 80 جلدة قال تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) النور.
(4) فريضة على من يتهمون أزواجهم بارتكاب الفاحشة قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (9) النور.

(5) فريضة عدم دخول البيوت إلا بإذن أهلها والسلام عليهم: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ (28) )

(6) غض البصر وإخفاء زينة النساء (قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ (30) وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ (31))

(7) نكاح الأيامى: (وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ (32))
(8) فريضة. عدم إكراه فتياتكم على البغاء: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنًا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا، ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} النور 33.
(9) فريضة السماح بتحويل ملك اليمين إلى زوج أو زوجة: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم * وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله، والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا، وآتوهم من مال الله الذي آتاكم..} النور 32، 33.
(10) طاعة الرسول في كيفية الصلاة ونصاب الزكاة والتي أمرتنا الآية باتباع الرسول فيهما نصلى كما يصلى ونزكى كما يزكى أي اعتبارهما سنن رسولية، حيث هي الآية الوحيدة في المصحف التي وردت فيها طاعة الرسول مفردة، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(56) النور
(11) فريضة استئذان ما ملكت إيمانكم والأبناء عند دخول غرف النوم على الأبوين في 3 أوقات محددة  قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (58) النور.
(12) التخلى عن وضع الثياب بدون التبرج للنساء المريضات مرضا عضالا وصاحبات الإعاقة الجسدية وكذلك الكبيرات في السن (وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لَا يَرۡجُونَ نِكَاحٗا فَلَيۡسَ عَلَيۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعۡنَ ثِيَابَهُنَّ غَيۡرَ مُتَبَرِّجَٰتِۭ بِزِينَةٖۖ وَأَن يَسۡتَعۡفِفۡنَ خَيۡرٞ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ (60))
(13، 14 & 15) رفع الحرج عن المرضى والأكل في بيوت الآباء والأمهات والأقارب فرادى أو جماعة والسلام على الأهل عند دخول البيوت (لَّيۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِيضِ حَرَجٞ وَلَا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَن تَأۡكُلُواْ مِنۢ بُيُوتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ إِخۡوَٰنِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أَعۡمَٰمِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أَخۡوَٰلِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمۡ أَوۡ مَا مَلَكۡتُم مَّفَاتِحَهُۥٓ أَوۡ صَدِيقِكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَأۡكُلُواْ جَمِيعًا أَوۡ أَشۡتَاتٗاۚ فَإِذَا دَخَلۡتُم بُيُوتٗا فَسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ تَحِيَّةٗ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةٗ طَيِّبَةٗۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (61))

الأربعاء، أبريل 10

معنى "المسجد" و "المساجد" في القرآن الكريم

 ما معنى المسجد في القرآن؟

هل هو ذلك البناء من طوب وحجارة؟ هل هو الذي أساسة أسمنت ورمل وحديد؟ هل هو هذه المباني التي يتسابق الناس على بنائها ويقضون فيها فترات ويطالبون ان يكون بها تكييف ليزيد بعدهم عن الله ويتمتعون بالهواء العليل البارد...هل هي ما تصرف عليها الحكومات والناس أموالا طائلة لا تعود على فقراء الناس باى منفعة ويحرمونهم من العلاج والتعليم؟ هل هي المباني المتواجدة بكثرة ونتفاخر بمآذنها وعددها ونترك أطفالنا والفقراء بلا مأوى في الشوارع عرضة للاغتصاب والبيع كأعضاء بشرية؟

الحقيقة أن الله وضح لنا في القرآن معنى المسجد والفرق بينه وبين البناء وعلى أي شيئ يجب أن يكون أساس هذه المساجد ولكننا قوم لا نعقل ولا نتدبر ورضينا بما ورثنا من تخاريف تهدم الدين ولا تقيم إلا دولة الجهل والكفر والشرك بالله!

وردت كلمة مسجد 22 مرة بالقرآن الكريم...

الكهف:٢١ (وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) ونجد الآية في سورة الكهف واضحة جلية لكل عاقل ويبين الله فيها الفرق بين البناء والمسجد

فنجد قول العامة (ابنوا عليهم بنيانا ) فهم قصدوا بناء من حجارة فوق قبور الفتية في الكهف ليكون لهم مزارا كما نفعل اليوم وتقام على قبورهم طقوس وأعمال شرك مع الله وذلك عكس قول الذين غلبوا على أمرهم. فماذا قال أولو العلم (لنتخذن عليهم مسجدا ) وفيه إشارة إلى عدم بناء حجارة وان يتخذوا من فعلهم قدوة تجعلهم إلى الله اقرب. وإلا فلماذا أورد الله في الآية الكلمتين (البناء والمسجد) لقد أوردهما لنعقل ونفهم ولكننا جعلنا القرآن عضين فسطحنا المعاني وفسرنا على هوانا!

البقرة:١٤٩ (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون). ومن الآية نفهم ان كلمة (ول وجهك ) = اجعل وجهتك وتوجهك المعرفي إلى اتباع تعاليم (المسجد الحرام )

الأعراف:٢٩ (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون ). ومن الآية نجد التأكيد للناس ان تجعل توجههم عند كل مسجد (فلا يعقل أن يكون المقصود بالمسجد بناء من طوب وحجارة نضع وجوهنا لها ) لأنه ببساطة تتعارض من فهم السلف لمعنى القبلة وأنها يجب أن تكون للمسجد الحرام (الكعبة ) ولو كان المسجد يقصد به بناء من حجارة فهذا يعنى أن تكون قبلة الناس للحجارة (التي هي بنيانهم من المساجد كل في بلده وقارته) وليس للكعبة.

البقرة:٢١٧ (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). ومن الآية نفهم أكثر معنى المسجد، وانه ليس بناءً محاطاً بحوائط وإلا كيف نفهم الآية (فهل كان إخراج الناس من كامل البلد أم من بناء به حوائط

لنعرف أن الإخراج كان من البلد وليس من بناء، ولنفهم أن المسجد هو ارض يقام عليها ما أمر الله به الناس من إعمار في الأرض طبقا لقوانين الآهية.

الأعراف:٣١ (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).ومن الآية نجد أن الخطاب موجه إلى (بنى آدم ) وليس لامة محمد أو أمة عيسى أو موسى ---بل إلى كل أبناء آدم.. من آمن ومن كفر.. من تهود أو تنصر.. فهل يعقل أن يكون المسجد ذلك البناء من حجارة وله مئذنة أو بناء عليه صليب ويسمى كنيسة أو بناء عليه نجمة ويسمى معبدا أو كنيساً؟

لنعرف أن المسجد المقصود بها ارض الله التي استخلفهم الله فيها ليعمروها بما أمر من قوانين وليست ذلك البناء المحدود بجدران.

التوبة:١٩ (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين). وفى الآية يوضح الله المطلوب من الناس في المساجد (عمارة ) أي البناء والتعمير تنفيذا لأمر الله للإنسان بالاستخلاف في الأرض التي يعبد الله فيها ويتم الحكم فيها على مراده سبحانه، وليس كما فسر السلف لكلمة (عمارة المسجد ) التي فسروها بان يمتلئ المسجد بالناس.

التوبة:١٠٧ (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون). ومن الأية نفهم أن بعض المساجد (هيئة أمر ونهى أو حكم أو إدارة) يستخدم ضرارا للتفريق بين المؤمنين وقد فهمها بعض السلف أنها المباني التي تلقى منها الخطب للتفريق بين المؤمنين سواء من سنة أو شيعة ونسوا أن هناك من المؤمنين من هم اتباع موسى وعيسى ومن لا نعلمهم من الأنبياء والرسل ونسى السلف آخر الآية ليتدبروها (وليحلفن إن اردنا إلا الحسنى) فهل هذا قول كفرة ومشركين أم هو قول من يعرف الله ويعتقد أن ما يفعله هو الحسنى (وأنا أكاد أجزم انهم ما تركوا تفسيرها إلا لكونها تخاطبهم هم تجار الدين وشيوخ العمة والقفطان الذين يدعون العلم وهم للأسف ناقلون لا يفقهون ولا يعقلون ولا يتدبرون)! لنفهم أن المسجد الضرار ليس مبنى بحوائط ولكنه ارض من أراضي الله يعيش عليها من لا ينفذ قوانين وشرائع الله في الأرض فهم قوم سوء ولن يصلحهم الله أبدا (وهذا ما نراه من حال أمة القرآن اليوم ) فهم يبنون مبانٍ ضرارا ويسمونها مساجد على خلاف مراد الله من الكلمة!

التوبة:١٠٨ (لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين). ومن الآية نفهم ما هو أساس المسجد الحق (فهو ليس أعمدة خرسانية) ولكنها أرض الله التي يتم التعامل والحكم فيها بأحكام الله وشرائعه، ويعمرها من نقيت قلوبهم وعقلوا مراد الله من الخلق ولم يستكبروا على الفهم لآيات الله في الكون.

الإسراء:٧ (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا). ومن الآية نجد (دخول المسجد) ولا يمكن أن يفهم انه بناء بحوائط تستطيع استيعاب جيش من المؤمنين لنفهم أن المسجد هو أرض الله التي يجب أن تقام عليها قوانين الله.

الفتح:٢٧ (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا).

وكلمة مساجد وردت 6 مرات في القرآن الكريم:

البقرة:١١٤ (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم). ومن الآية نفهم أن ما استنتجته عن خراب الأرض قد وضحه الله في الآية (سعى فى خرابها ) ثم نجد انهم يدخلون المسجد خائفين (فكيف لبناء قد هدم بفهم السلف) أن يُدخل مرة أخرى ويستمر الخزى لهم من الله في هذه المساجد المخربة (إلا أن يكون معنى المسجد هو أرض الله ولكن أهلها خربوها بابتعادهم عن أوامر الله وبفهمهم الخاطئ عن الدين وعن معنى كلمة المسجد).

البقرة 187 (أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسࣱ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسࣱ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٔـٰنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّوا۟ ٱلصِّیَامَ إِلَى ٱلَّیۡلِۚ وَلَا تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَـٰكِفُونَ فِی ٱلۡمَسَـٰجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ). كلمة "عاكفون" لا تعني المعتكفين المقيمين، بل المواظبون، أي العاملين والموظفين في إدارات الدولة، والتي يعمل فيها رجال ونساء.

التوبة:١٧ (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون). ومن الآية نفهم أن الله تعهد أن المشركين لن يعمروا مساجد الله ( لنفهم حالنا اليوم ومن هم المسلمون الذين جعل الله بلادهم عامرة آمنة مطمئنة ومن الذين ديارهم خراب وحروب لنفهم من هم المشركين اليوم)!

التوبة:١٨( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين).الجن:١٨ (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا). ومن الآيات نفهم انه بسبب سوء فهمنا لمعنى الصلوة وإيتاء الزكاة فنحن في تدهور مستمر ومن سيئ إلى أسوأ ولن يقيم الله لنا وزنا إلا إذا فهمنا ما انزل الله وبعدنا عن أفعال الشرك التي أصبحت موروثاً لا يمكن المساس بها أو الخروج عليها!

الحج:٤٠ (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز). ومن الآية نجد (الإخراج من الديار) لمجرد قولهم (ربنا الله ) ويخبرنا الله انه (لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض) وهو إشارة إلى اختلاف الناس في مفاهيمهم وانه سبب بقاء (للصوامع – المخازن - والبيع – المتاجر - والصلوات – صلات الناس بعضها ببعض - والمساجد) لنفهم أن المساجد ليست بناءً يُهدم ولكنه كناية عن مجالس الحكم أو الدولة، وأن كلمة (هدم الصلوات) لا يمكن أن تشير إلى حركات ولكنه تهدم العلاقات بين الناس، ولنفهم أن الدفع = الحوار وليس القتال والاقتتال لتخريب ما أمر الله أن يعمر. ولكن للأسف، كالعادة، فسرها السلف أنها الحروب والقتال (لأنهم عاشقون لسفك الدماء) وكأنهم يقولون أن الله خلق الناس مختلفة ليتقاتلوا وليسبوا النساء أيهم الأقوى ونسوا أن الله هو الذي قال (لتعارفوا ) (ولا يغتب بعضكم بعضا) (ولا تعتدوا) لقد نسوا - أو تناسوا - كل الآيات التي تحض على حسن الجوار وعدم الاعتداء (وربما نسخوها من القرآن بما اخترعوا مما يطلقون عليه الناسخ والمنسوخ) وفضلوا أن يجعلوها بحارا من الدم والقتل والتنكيل في الأرض وليس إعمارها كما أمر الله.

الخلاصة :

المسجد والمساجد في القرآن هي ارض الله التي يقام عليها الإعمار كما أمر الله الناس يوم أن استخلفهم على الأرض وهى كل مكان عمل وإنتاج وحكم رشيد يقام فيها العدل والخير للناس. فالمؤسسة التابعة للدولة والحكم (المركز السياسي والحربي) والأرض الزراعية ومجالس النواب والشورى الحقيقية والمصنع والمستشفى والوزرات والهيئات والمدارس والجامعات والنادي الرياضي وبيت المال والقلاع والحصون بل والسجن الذي يحبس فيه المجرمون كلها مساجد لله يجب أن نعمل وننتج فيها بمراد الله وطبقا لقوانينه لإعمار الأرض وليس لخرابها ولتطور الحضارة والتشريع الإنساني الموازي للتطور العلمي والمعرفي. لقد أصبحت الكلمتان (الجامع والمسجد) مترادفتين. وهما تؤديان في أذهان عامة الناس اليوم نفس المعنى. مع أنّ أولاهما يقصد بها إطلاق القول على عمومه والثانية يراد بها تخصيصه. ذلك أنّ كلّ جامعٍ هو في نفس الوقت مسجد، وليس كل مسجدٍ جامعًا. وقد جعل المؤمنون المسلمون أتباع النبي محمد عليه السلام من مساجدهم "مؤسسات عامة يزاولون داخل جدرانها شؤون حياتهم ويخططون تحت أروقتها، للنهوض بمستوى شعوبهم والحفاظ على كيانهم”.

المسجد بكل الاختصار هو "كل مركز للانطلاق الحضاري الإنساني".