"ليست الحياة بِعَدِّ السنين ، و لكنها بعدادِ المشاعر. وما يسميه "الواقعيون"
في هذه الحالة "وهمًا" هو في
الواقع "حقيقة" أصح من كل حقائقهم! لأن الحياة ليست شيئًا آخر غير
شعور الإنسان بالحياة .. جَرِّدْ أي إنسان من الشعور بحياته
تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحس الإنسان شعورًا مضاعفًا
بحياته. فقد عاش حياة مضاعفة فعلًا ! عندما نعيش لذواتنا فحسب ،
تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة ، تبدأ من حيث بدأنا نعي ، وتنتهي بانتهاء عمرنا
المحدود. وعندما نعيش لغيرنا ، أي عندما نعيش لفكرة ، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة
، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية ، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض. إننا
نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة ، حينما نعيش للآخرين ، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين ، نضاعف إحساسنا
بحياتنا ، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية. عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب
والعطف والخير ، نعفي أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة . إننا لن نكون في حاجة إلى أن
نتملق الآخرين ، لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين، إذ نزجي إليهم الثناء . إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير ، وسنجد لهم مزايا
طيبة ، نثني عليها حين نثني ونحن صادقون ؛ ولن يعدم إنسان ناحية خيّرة أو مزية حسنة ،
تؤهله لكلمة طيبة … ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها ، إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب. عندما نصل إلى
مستوى معين من القدرة ، سنستقبل عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح ... الشكر لما يقدَّمُ لنا
من عون .. والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن ... فيشاركنا الجهد والتبعة ... إن
الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق. لا شيء في هذه الحياة يعدل ذلك الفرح الروحي الشفيف
الذي نجده ، عندما نستطيع أن نُدخِلَ العزاء أو الرضى ، الثقة أو الأمل أو الفرح ، إلى نفوس الآخرين. كم نمنح أنفسنا من
الطمأنينة والراحة والسعادة، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا، يوم تنمو في
نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير.
لم
أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة ! لقد عملت بقدر ما كنت مستطيعاً أن أعمل ! هناك أشياء كثيرة أود أن
أعملها ، لو مُدَّ لي في الحياة ، ولكن الحسرة لن تأكل قلبي إذا لم أستطع ؛ إن آخرين
سوف يقومون بها ، إنها لن تموت إذا كانت صالحة للبقاء ، فأنا مطمئن إلى أن العناية التي تلحظ هذا الوجود لن تدع فكرة صالحة تموت. لم
أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة ! لقد حاولت أن أكون خيّراً بقدر ما أستطيع ، أما أخطائي وغلطاتي فأنا
نادم عليها ! إني أكل أمرها إلى الله ، وأرجو رحمته وعفوه ، أما عقابه فلست قلقاً من
أجله ، فأنا مطمئن إلى أنه عقاب حق ، وجزاء عدل ، وقد تعودت أن أحتمل تبعة أعمالي ، خيراً كانت أو شراً، فليس
يسوءني أن ألقى جزاء ما أخطأت حين يقوم الحساب."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق