الأربعاء، يوليو 30

أحب طيور تشرين - نزار قباني

أحب طيور تشرين

أحب أضيع مثل طيور تشرين ..
بين الحين والحين ...
أريد البحث عن وطنٍ ..
جديدٍ .. غير مسكون
 أريد أفر من جلدي ..
ومن صوتي ..
ومن لغتي
وأشرد مثل رائحة البساتين
أريد أفر من ظلي
وأهرب من عناويني..
أريد أفر من شرق الخرافة والثعابين ..
من الخلفاء ..
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحب مثل طيور تشرين ..
أيا شرق المشانق والسكاكين ...
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحب مثل طيور تشرين ..
أيا شرق المشانق والسكاكين
...

Ghamriny's clinical collection; Image of the month, August, 2014, مجموعة حالات د. الغمريني

Radiodermatitis; breast cancer

الأحد، يوليو 27

قطتي الشاميـة - نزار قباني

.. أضناني البرد ، فكومني
داخل قبضتك السحرية
.. خبئني فيها أياما
.. إحبسني فيها أعواما
.. إحبسني كالطير المرسوم
.. على مروحة صينيه
.. فالحبس لذيذ، ومثير
.. داخل قبضتك السحرية
.. لا تفتح كفك .. واتركني
.. أرعى كالأرنب
.. في غابات يديك الوحشية
لا تغضب مني .. لا تغضب
ادفنى حيث يشاء الحب
فأنا قطتك الشامية
.. هل احد
يغضب من قطته الشامية ؟
.. أتركني ألعب كالسنجاب
على الأدراج العاجية
.. وفتات السكر ، ألحسه
.. داخل قبضتك السحرية
أمنيتي تلك ، وما عندي
.. أغلى من تلك الأمنية
.. لو أملك زاوية بيديك
.. لكنت ملكت البشرية
.. خبئني .. في خلجان يديك
فإن الريح شمالية
، خبئني .. في أصداف البحر
وفي الأعشاب المائية
.. خبئني .. في يدك اليمنى
.. خبئني .. في يدك اليسرى
.. لن أطلب منك الحرية
.. فيداك .. هما المنفى
.. وهما.. أروع أشكال الحرية
.. أنت السجان.. وأنت السجن
وأنت قيودي الذهبية
.. قيدني .. يا ملكي الشرقي
.. فإني امرأة شرقية
.. تحلم بالخيل .. وبالفرسان
.. وبالكلمات الشعرية
- إني مولاتك – يا مولاي
.. فغص في صدري كالمدية
.. سافر في جسدي كالأفيون
.. وكالرائحة المنسية
.. سافر في شعري .. في نهدي
.. كطعنة رمح وثنية
سافر – يا ملكي – حيث تريد
.. فكل شطوطي رملية
.. سافر .. فالريح مواتية
.. وأنا .. راضية مرضية
.. ضيعني
.. في أحراج يديك
.. سئمت .. سئمت المدنية
.. حيث الأشجار بلا عمر
.. حيث الأزمان خرافية
.. أرجعني .. صافية كالنار
.. وكالزلزال بدائية
.. حررني .. من عقدي الأولى
.. مزق .. أقنعتي الشمعية
وادفني .. تحت رماد يديك
.. شهيدة عشق صوفية
.. أدفني
.. حيث يشاء الحب
.. أنا رابعة العدوية

قدرٌ أنت بشكل امرأة - نزار قباني

قدرٌ أنت بشكل امرأة..

قدرٌ أنت بشكل امرأة..
وأنا مقتنعٌ جداً بهذا القدر
إنني بعضك، يا سيدتي
مثلما الآه امتداد الوتر
مطر يغسلني أنت.. فلا
تحرميني من سقوط المطر
بصري أنت. وهل يمكنها
أن ترى العينان دون البصر؟

السبت، يوليو 12

القصيدة الدمشقية - نزار قباني

القصيدة الدمشقية

هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح إني أحب... وبعـض الحـب ذباح
أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح
و لو فتحـتم شراييني بمديتكـم سمعتم في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا وما لقلـبي –إذا أحببـت- جـراح
مآذن الشـام تبكـي إذ تعانقـني و للمـآذن.. كالأشجار.. أرواح
للياسمـين حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطة البيت تغفو حيث ترتـاح
طاحونة البن جزءٌ من طفولتنـا فكيف أنسى؟ وعطر الهيل فواح
هذا مكان "أبي المعتز".. منتظرٌ ووجه "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاح
هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاح؟
كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورها حتى أغازلها... والشعـر مفتـاح
أتيت يا شجر الصفصاف معتذراً فهل تسامح هيفاءٌ ..ووضـاح؟
خمسون عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ.. فوق المحيط.. وما في الأفق مصباح
تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـاف لها.. وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاح
أقاتل القبح في شعري وفي أدبي حتى يفتـح نوارٌ... وقـداح
ما للعروبـة تبدو مثل أرملةٍ؟ أليس في كتب التاريخ أفراح؟
والشعر.. ماذا سيبقى من أصالته؟ إذا تولاه نصـابٌ ... ومـداح؟
وكيف نكتب والأقفال في فمنا؟ وكل ثانيـةٍ يأتيـك سـفاح؟
حملت شعري على ظهري فأتعبني ماذا من الشعر يبقى حين يرتاح؟
   

من مفكرة عاشق دمشقي - نزار قباني

من مفكرة عاشق دمشقي

فرشت فوق ثراك الطاهـر الهدبـا فيا دمشـق... لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـت... فاستلقي كأغنيـةٍ على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنت النساء جميعاً.. ما من امـرأةٍ أحببت بعدك.. إلا خلتها كـذبا
يا شام، إن جراحي لا ضفاف لها فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوار مدرسـتي وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا
تلك الزواريب كم كنزٍ طمرت بها وكم تركت عليها ذكريات صـبا
وكم رسمت على جدرانها صـوراً وكم كسرت على أدراجـها لعبا
أتيت من رحم الأحزان... يا وطني أقبل الأرض والأبـواب والشـهبا
حبي هـنا.. وحبيباتي ولـدن هـنا فمـن يعيـد لي العمر الذي ذهبا؟
أنا قبيلـة عشـاقٍ بكامـلـها ومن دموعي سقيت البحر والسحبا
فكـل صفصافـةٍ حولتها امـرأةً و كـل مئذنـةٍ رصـعتها ذهـبا
هـذي البساتـين كانت بين أمتعتي لما ارتحلـت عـن الفيحـاء مغتربا
فلا قميص من القمصـان ألبسـه إلا وجـدت على خيطانـه عنبا
كـم مبحـرٍ.. وهموم البر تسكنه وهاربٍ من قضاء الحب ما هـربا
يا شـام، أيـن هما عـينا معاويةٍ وأيـن من زحموا بالمنكـب الشهبا
فلا خيـول بني حمـدان راقصـةٌ زهــواً... ولا المتنبي مالئٌ حـلبا
وقبـر خالد في حـمصٍ نلامسـه فـيرجف القبـر من زواره غـضبا
يا رب حـيٍ.. رخام القبر مسكنـه ورب ميتٍ.. على أقدامـه انتصـبا
يا ابن الوليـد.. ألا سيـفٌ تؤجره؟ فكل أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـق، يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟
أدمـت سياط حزيران ظهورهم فأدمنوها.. وباسوا كف من ضربا
وطالعوا كتب التاريخ.. واقتنعوا متى البنادق كانت تسكن الكتبا؟
سقـوا فلسطـين أحلاماً ملونةً وأطعموها سخيف القول والخطبا
وخلفوا القدس فوق الوحل عاريةً تبيح عـزة نهديها لمـن رغبـا..
هل من فلسطين مكتوبٌ يطمئنني عمن كتبت إليه.. وهو ما كتبا؟
وعن بساتين ليمونٍ، وعن حلمٍ يزداد عني ابتعاداً.. كلما اقتربا
أيا فلسطين.. من يهديك زنبقةً؟ ومن يعيد لك البيت الذي خربا؟
شردت فوق رصيف الدمع باحثةً عن الحنان، ولكن ما وجدت أبا..
تلفـتي... تجـدينا في مـباذلنا.. من يعبد الجنس، أو من يعبد الذهبا
فواحـدٌ أعمـت النعمى بصيرته فانحنى وأعطى الغـواني كـل ما كسبا
وواحدٌ ببحـار النفـط مغتسـلٌ قد ضاق بالخيش ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌ في سـريرته وواحـدٌ من دم الأحرار قد شربا
إن كان من ذبحوا التاريخ هم نسبي على العصـور.. فإني أرفض النسبا
يا شام، يا شام، ما في جعبتي طربٌ أستغفر الشـعر أن يستجدي الطربا
ماذا سأقرأ مـن شعري ومن أدبي؟ حوافر الخيل داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ قال الحقيقة إلا اغتيـل أو صـلبا
يا من يعاتب مذبوحـاً على دمـه ونزف شريانه، ما أسهـل العـتبا
من جرب الكي لا ينسـى مواجعه ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا
حبل الفجيعة ملتفٌ عـلى عنقي من ذا يعاتب مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعر ليـس حمامـاتٍ نـطيرها نحو السماء، ولا ناياً.. وريح صبا
لكنه غضـبٌ طـالت أظـافـره ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا

أقدم اعتذاري - نزار قباني

أقدم اعتذاري

.. أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهار
.. عن الكتابات التي كتبتها
.. عن الحماقات التي ارتكبتها
عن كل ما أحدثته
في جسمك النقي من دمار
وكل ما أثرته حولك من غبار
.. أقدم اعتذاري
عن كل ما كتبت من قصائد شريرة
.. في لحظة انهياري
فالشعر ، يا صديقتي ، منفاي واحتضاري
.. طهارتي وعاري
ولا أريد مطلقا أن توصمي بعاري
من أجل هذا .. جئت يا صديقتي
.. أقدم اعتذاري
.. أقدم اعتذاري

متى يعلنون وفاة العرب - نزار قباني

متى يعلنون وفاة العرب

1
أحاول منذ الطفولة رسم بلادٍ
تسمى مجازا بلاد العرب
تسامحني إن كسرت زجاج القمر...
وتشكرني إن كتبت قصيدة حبٍ
وتسمح لي أن أمارس فعل الهوى
ككل العصافير فوق الشجر...
أحاول رسم بلادٍ
تعلمني أن أكون على مستوى العشق دوما
فأفرش تحتك ، صيفا ، عباءة حبي
وأعصر ثوبك عند هطول المطر...
2
أحاول رسم بلادٍ...
لها برلمانٌ من الياسمين.
وشعبٌ رقيق من الياسمين.
تنام حمائمها فوق رأسي.
وتبكي مآذنها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقة شعري.
ولا تتدخل بيني وبين ظنوني.
ولا يتجول فيها العساكر فوق جبيني.
أحاول رسم بلادٍ...
تكافئني إن كتبت قصيدة شعرٍ
وتصفح عني ، إذا فاض نهر جنوني
3
أحاول رسم مدينة حبٍ...
تكون محررةً من جميع العقد...
فلايذبحون الأنوثة فيها...ولايقمعون الجسد...
4
رحلت جنوبا...رحلت شمالا...
ولافائده...
فقهوة كل المقاهي ، لها نكهةٌ واحده...
وكل النساء لهن إذا ما تعرين
رائحةٌ واحده...
وكل رجال القبيلة لايمضغون الطعام
ويلتهمون النساء بثانيةٍ واحده.
5
أحاول منذ البدايات...
أن لاأكون شبيها بأي أحد...
رفضت الكلام المعلب دوما.
رفضت عبادة أي وثن...
6
أحاول إحراق كل النصوص التي أرتديها.
فبعض القصائد قبرٌ،
وبعض اللغات كفن.
وواعدت آخر أنثى...
ولكنني جئت بعد مرور الزمن...
7
أحاول أن أتبرأ من مفرداتي
ومن لعنة المبتدا والخبر...
وأنفض عني غباري.
وأغسل وجهي بماء المطر...
أحاول من سلطة الرمل أن أستقيل...
وداعا قريشٌ...
وداعا كليبٌ...
وداعا مضر...
8
أحاول رسم بلادٍ
تسمى مجازا بلاد العرب
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرف الفرق بين البلاد وبين السفن...
ولكنهم...أخذوا علبة الرسم مني.
ولم يسمحوا لي بتصوير وجه الوطن...
9
أحاول منذ الطفولة
فتح فضاءٍ من الياسمين
وأسست أول فندق حبٍ...بتاريخ كل العرب...
ليستقبل العاشقين...
وألغيت كل الحروب القديمة...
بين الرجال...وبين النساء...
وبين الحمام...ومن يذبحون الحمام...
وبين الرخام ومن يجرحون بياض الرخام...
ولكنهم...أغلقوا فندقي...
وقالوا بأن الهوى لايليق بماضي العرب...
وطهر العرب...
وإرث العرب...
فيا للعجب!!
10
أحاول أن أتصور ما هو شكل الوطن؟
أحاول أن أستعيد مكاني في بطن أمي
وأسبح ضد مياه الزمن...
وأسرق تينا ، ولوزا ، و خوخا،
وأركض مثل العصافير خلف السفن.
أحاول أن أتخيل جنة عدنٍ
وكيف سأقضي الإجازة بين نهور العقيق...
وبين نهور اللبن...
وحين أفقت...اكتشفت هشاشة حلمي
فلا قمرٌ في سماء أريحا...
ولا سمكٌ في مياه الفراط...
ولا قهوةٌ في عدن...
11
أحاول بالشعر...أن أمسك المستحيل...
وأزرع نخلا...
ولكنهم في بلادي ، يقصون شعر النخيل...
أحاول أن أجعل الخيل أعلى صهيلا
ولكن أهل المدينةيحتقرون الصهيل!!
12
أحاول سيدتي أن أحبك...
خارج كل الطقوس...
وخارج كل النصوص...
وخارج كل الشرائع والأنظمه
أحاول سيدتي أن أحبك...
في أي منفى ذهبت إليه...
لأشعر حين أضمك يوما لصدري
بأني أضم تراب الوطن...
13
أحاول مذ كنت طفلا، قراءة أي كتابٍ
تحدث عن أنبياء العرب.
وعن حكماء العرب... وعن شعراء العرب...
فلم أر إلا قصائد تلحس رجل الخليفة
من أجل جفنة رزٍ... وخمسين درهم...
فيا للعجب!!
ولم أر إلا قبائل ليست تفرق ما بين لحم النساء...
وبين الرطب...
فيا للعجب!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليه...
لأي رئيسٍ من الغيب يأتي...
وأي عقيدٍ على جثة الشعب يمشي...
وأي مرابٍ يكدس في راحتيه الذهب...
فيا للعجب!!
14
أنا منذ خمسين عاما،
أراقب حال العرب.
وهم يرعدون، ولايمطرون...
وهم يدخلون الحروب، ولايخرجون...
وهم يعلكون جلود البلاغة علكا
ولا يهضمون...
15
أنا منذ خمسين عاما
أحاول رسم بلادٍ
تسمى مجازا بلاد العرب
رسمت بلون الشرايين حينا
وحينا رسمت بلون الغضب.
وحين انتهى الرسم، ساءلت نفسي:
إذا أعلنوا ذات يومٍ وفاة العرب...
ففي أي مقبرةٍ يدفنون؟
ومن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بنون...
وليس هنالك حزنٌ،
وليس هنالك من يحزنون!!
16
أحاول منذ بدأت كتابة شعري
قياس المسافة بيني وبين جدودي العرب.
رأيت جيوشا...ولا من جيوش...
رأيت فتوحا...ولا من فتوح...
وتابعت كل الحروب على شاشة التلفزه...
فقتلى على شاشة التلفزه...
وجرحى على شاشة التلفزه...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزه...
17
أيا وطني: جعلوك مسلسل رعبٍ
نتابع أحداثه في المساء.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء؟؟
18
أنا...بعد خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيت...
رأيت شعوبا تظن بأن رجال المباحث
أمرٌ من الله...مثل الصداع...ومثل الزكام...
ومثل الجذام...ومثل الجرب...
رأيت العروبة معروضةً في مزاد الأثاث القديم...
ولكنني...ما رأيت العرب !!